الخميس، 30 أكتوبر 2008

عندما يمنح المفسدون الأوسمة للفاسدين!!

لم يعد مستغربا في هذا البلد وفي ظل هذا النظام أن يكافأ الفاسدون على فسادهم، بل ويمنحون الأوسمة تقديرا لإفسادهم العظيم كما حدث مع وزير الإسكان السابق إبراهيم سليمان، الذي تداولت الروايات في عهده كل ما يمكن تخيله من وقائع فساد وتربح، في إبرام العقود ونوعية المشروعات وسياسات بيع الأراضي وبناء القصور والمنتجعات السياحية لعلية القوم وتخصيصها لأفراد العصابة الحاكمة، من أموال الشعب الذي يسكن الملايين منه في القبور.
ولم يكن مستغربا بعد ذلك أن يستطيل الوزير السابق بعد خروجه من الوزارة على الصحافة ويرفع عشرات القضايا على الصحف وعلى الصحفيين لإرهابهم وردعهم عن الحديث عن سيرته الغير عطرة، استنادا إلى أنه من الصعب في ظل سياسات حماية الفساد أن توثق وقائع الفساد ومسالكه في هذا البلد طالما أن الفاسدون محميون من العائلة المالكة، وكاد بالفعل عدد من الصحفيين أن يدخلوا السجون ويحبسون نتيجة لوابل الدعاوى القضائية التي رفعها ضدهم سليمان عملا بالمثل القائل (اضرب المربوط يخاف السايب) ولولا رضوخ الصحف مؤقتا لهذا الابتزاز لما أمكن تسوية أمر هذه القضايا في اللحظات الأخيرة بعد تنازل إبراهيم سليمان عنها بعد أن حقق غرضه في إرهاب الصحافة.
وبعد كارثة الدويقة والتي هي الدائرة التي يمثلها إبراهيم سليمان في مجلس الشعب رغم تجاهله الشخصي لأهالي دائرته التي يغتصب مقعدها، ورغم كل التقارير الجيولوجية والهندسية التي كانت تتحدث عن خطورة انهيار المقطم على رؤؤس أهالي الدويقة، لم يحرك إبراهيم سليمان ساكنا لا كنائب ولا كوزير، بل قامت وزارته بتبديد معونات جاءت خصيصا لمشروع إسكان أهالي الدويقة وخصصه في مصارف أخرى، وانشغل سليمان خلال فترة وزارته ببناء الفيلات والقصور والشاليهات في مارينا والساحل الشمالي وتوزيعها على المحاسيب وأهل السلطة بينما يبحث الملايين من ابناء الشعب على جدران تسترهم.
وأخيرا وفي إطار الصدام المتفجر حاليا بين بعض النواب المستقلين وبين زميلهم في المجلس إبراهيم سليمان والدعاوى المتبادلة بينه وبين النائب المستقل علاء الدين عبد المنعم والتي تنظرها المحكمة حاليا، كشفت صحيفة المصري اليوم الصادرة الاثنين 27 أكتوبر عن وثائق تؤكد على أن إبراهيم سليمان باع لزوجته وأبنائه القصر قطع أراضي مميزة وبأسعار مميزة في التجمع الخامس بالإضافة لفيلات في مارينا !!.
هذه الوثائق توثق جانبا يسيرا مما بات يعلمه الشعب المصري بكل فئاته الآن من فساد هذا النظام من قمة رأسه، وتؤكد أن هذا الشعب ذكي ولا يمكن خداعه والضحك عليه.. فلولا هذا الرئيس الفاسد وعائلته الفاسدة لم يكن لهؤلاء المفسدين أن يتربحوا ويجمعوا المليارات من قوت الناس وعلى حساب تفاقم مشاكل الناس، ثم بعد ذلك يحصلون على الأوسمة من الرئيس ويرهبون الصحافة عن أن تفتح فها وتشير إليهم.
هذا الوزير النائب بالتزوير والذي لم يراه أهل دائرته بعد مأساة الدويقة نعرف أنه سيخرج في النهاية لسانه للجميع ولن ينال منه أحد مهما أخذ من فيلات وأراضي له ولزوجته ولأولاده القصر، رغم أنه يعلم هو والجهات الرقابية في هذا البلد أن الدستور والقانون يمنعه من إجراء هذه المعاملات التي يستحي غيره عن تمريرها بهذه البجاحة، ويكتبونها بأسماء مستعارة أو واجهات حتى يتستروا على أعمالهم.
نقول أن أحدا في النهاية لن يستطيع أن ينال من إبراهيم سليمان، لأن الفساد في هذا البلد توحش، وأسقط برقع الحياء تماما، ولأن سليمان وغيره من المفسدين هم شركاء العائلة المباركية، وأنه أدى لهم خدمات جليلة ولكل رموز النظام، وأن هذه الفيلات والأراضي المميزة لم يحصل عليها هو أطفاله فقط بل لديه قوائم يمكن أن يخرجها في وجه من يجرؤ على حسابه أو سؤاله.. ولقد رأينا قبل أسابيع عندما ضبطت الرقابة الإدارية محاميين يمثلون رجل النظام المتنفذ وعضو مجلس الشورى ولجنة السياسات الملياردير محمد فريد خميس وهم يدفعون رشوة لأحد نواب رئيس مجلس الدولة لتخليص قضايا لشركات محمد فريد خميس، واتضح أنهم يفعلون ذلك في كل قضايا شركاته منذ خمسة أعوام، ثم جرى التعتيم على القضية بحظر النشر عنها بقرار من النائب العام، لتتوه بعد ذلك في زحمة القضايا والأخبار وينساها الناس، رغم أنها ليست فقط قضية رشوة جنائية بل هي قمة الفساد السياسي والجنائي والأخلاقي.
ولا يغرنكم ما حدث لهشام طلعت مصطفى وإحالته للجنايات بعد أن حاول النظام حمايته في البداية بإصرار، ولولا تراكم الأدلة والاعترافات ولكون القضية قذرة وجرى فيها سفك دماء وبلطجة وإرهاب، وجرت وقائعها في عدة دول خارجية، وتحقيقاتها وأدلة الإدعاء فيها معظمها قدمتها الإمارات التي لم تكن لتقبل بطمس معالم القضية، وأمام كل هذا لم يجد النظام بدا من التخلي عن هشام بالكيفية التي رأيناها، ولو كانت سوزان تميم قتلت في مصر لجرى تسوية القضية بتليفون كما حدث في واقعة قتل ابنة مديرة منزل هشام طلعت مصطفى على يد شقيق سوزان تميم في فندق الفورسيزون، حيث سجلت واقعة القتل كواقعة انتحار بالكيفية التي كشفتها القضية المنظورة حاليا الآن.
نظام مبارك يا سادة بات مؤسسا على الفساد، ولا مكان فيه لغير الفاسدين الذين يستمدون قوتهم ونفوذهم من حماية مبارك شخصيا ودعمه لهم.
ومن هنا ومع احترامي لجهود الشخصيات الكبيرة والكريمة التي تطرح مشاريع إنقاذ وإصلاح قائمة على تخيل أن مبارك يمكن أن يتنازل عن بعض صلاحياته واختصاصاته لصالح حكومة إنقاذ وطني انتقالية تتشكل من شخصيات مستقلة، وتقوم على محاولة إنقاذ مصر من حالة الانهيار الخطيرة التي تسير إليها الأوضاع بخطى حثيثة؛ هؤلاء الأساتذة الكرام يفوتهم أن هذا النظام يدرك جيدا حجم الجرائم التي اقترفها ويقترفها بحق هذا الشعب وهو بالتالي سيستميت في البقاء ولن يأمن حتى الأب لابنه فيما يتعلق بنقل السلطة أو إعطاء أي صلاحيات لهذا الشعب، اللهم إلا إذا اقتلعتهم ثورة أو حاقت بهم نازلة من قاهر الجبابرة سبحانه وتعالى.
أسامة رشدي

خلى بالك أنا عارف كل شيئ عنك يا حلو صح

Sign by اللول الحضراوي - Get Your Free Sign