الاثنين، 10 نوفمبر 2008

رجل في زنزانة!





مقال الكاتب الكبير إبراهيم عيسى بجريدة الدستور يوم 8 نوفمبر 2008
سأشعر بالمفاجأة لو خرج أيمن نور من السجن حياً!
الدولة تصل إلي درجة مهووسة من كراهية أيمن نور حتي أنني لا أستبعد إطلاقًا وسط صمت وتواطؤ ورخاوة الحياة السياسية المصرية أن يتم التخلص من أيمن نور!
سأشعر بالمفاجأة لو خرج أيمن نور من السجن حياً!
الدولة تصل إلي درجة مهووسة من كراهية أيمن نور حتي أنني لا أستبعد إطلاقًا وسط صمت وتواطؤ ورخاوة الحياة السياسية المصرية أن يتم التخلص من أيمن نور!
الغريب أن أيمن نور في زنزانة في السجن منذ حوالي ثلاثة أعوام، ومع ذلك فصحف الحكومة تكاد لا تخلو في أي يوم من الهجوم علي نور أو زوجته السيدة جميلة إسماعيل، ولا يكاد يخلو حوار أي مسئول في الحزب أو الحكومة مع أي بني آدم يقابله من هجوم وتعريض بأيمن نور أو استنفار ضده أو محاولة هدم سمعته أو الطعن في وطنيته!
كما أن جهاز الأمن في مصر يضع أيمن نور في أول قائمة أعداء النظام المطلوب التخلص منهم قبل حتي جماعة الإخوان المسلمين وحركة كفاية، نعم نور أهم من الإخوان عند الدولة وأخطر وأقوي، ويوشك أي مسئول أمني علي تحويل خصومته مع أيمن نور إلي خصومة شخصية كأن أيمن خطف ابنته أو قتل خاله!! فتنضح تصرفات الأمن تجاه أيمن وجميلة بحالة من الغضب والانتقام الشخصي كأن بينه وبينهما ثأراً قديماً عميقاً يحفر نفسه في وجدان المسئول الأمني!
إلي هذا الحد النظام بجلالة قدره خائف ومرعوب من أيمن نور وهو رجل في زنزانة!
سبحان الله، لماذا إذن يخوتوننا بالكلام عن قوتهم وجماهيريتهم وشعبيتهم وحزبهم الأزلي الأبدي السرمدي «أبو تلاتة مليون عضو»؟!
الرئيس مبارك يستثني أيمن نور من كل قرارات العفو الطبيعية والتقليدية التي تنطبق علي السجناء حتي لا يخرج أيمن نور، كأن خروج الرجل سوف يعطل مسيرة مبارك وسوف ينسف جهود التنمية، الشيء الوحيد الذي يمكن أن تفهمه من استثناء نور من العفو علي هذا النحو الفج هو خوف النظام من قوة ما لدي أيمن نور، يبدو أن النظام وحده باعتباره ثاقب الرؤية نافذ البصيرة يراها في نور، ويعرف الرئيس مبارك بحكمته أن خروج أيمن نور سوف يعوق مشروع التوريث (ربما).. سوف يطرح بديلا في مواجهة جمال مبارك (احتمال) وإلا لماذا يخاف منه النظام، لماذا يرتعب من رجل في زنزانة؟
أجهزة الأمن تخاف من حزب الغد فسلمته إلي منشقين عن أيمن نور، خلاص فهمناها، لعبة سخيفة وتافهة، لكن من قال إن الحياة الحزبية في مصر لها قيمة أساسا وإنها تخلو من التفاهة والسخافة، ومن قال إن حزب الغد بدون أيمن نور يشكل أي فارق عن حزب أحمد الصباحي وتلك الأحزاب التي لا تساوي لدي المواطن مثقال حبة من خردل.
السؤال هنا: لماذا الإمعان الكفور في الخصومة والرغبة المهووسة في الانتقام بالاستيلاء علي مقر كلنا نعرف أنه مكتب أيمن نور الشخصي أي أنه ملكه هو وأولاده وباسمه، لماذا هذا التجبر والتكبر وتلك الغطرسة والفظاظة في التعامل مع شقة أيمن نور؟
عارفين ليه؟ لأن الدولة التي ترتعب من رجل في زنزانة هي كذلك مرتجفة من تجمع عشرين شخصاً من أنصاره في شقة.. شقة في وسط البلد تواجه حزباً علي كورنيش يملك كل شيء في البلد (هو يملك البلد أصلا)، ولكنه لا يملك الشرعية ولا الجماهيرية ولا المحبة، ومن ثم تعرف الدولة أن شقة (نور) يمكن أن تواجه برج (عتمة) ولهذا سارعت جحافل لحرق الشقة، والمخجل أن يتم ذلك بأرخص التمثيليات وأعفنها إخراجاً حين يتهمون أصحاب الشقة بأنهم حرقوها.
أظن أن الدولة سوف تسلم شقة أيمن نور للمنشقين عنه، هنيئاً للدولة بالشقة، تشبع بيها وترتع فيها وممكن تؤجرها مفروشاً لو أرادت، لكنها لن تهدأ.. لن ترتاح.. لن تفرح، فالمؤكد أنها مازالت علي رعبها من رجل في زنزانة وتطارد شبحه الذي بات يطاردها في الصحو والمنام، ستبحث عن أي شيء آخر يحاول أن يهدئ غضبها وأن يطفئ نارها تجاه أيمن نور، لم تعد ترضيها حملات جديدة من صحف الحكومة والصحف المحسوبة علي الحكومة ضد أيمن نور، يبدو أن هذه الحملات لا تقنع أحداً ولا حتي الحكومة بأنها انتصرت علي أيمن نور، لقد رأت النار تشتعل في شقة نور لكن النار التي تشتعل في مصر كلها وتحيلها بلدا يشتهر بزراعة القطن وإشعال الحرائق لم تنجح في إشفاء غليلها، مالها الدولة وقد تحولت لأرملة عجوز في الصعيد تحث عيالها علي الأخذ بالثأر حتي تطفيء ناراً مشتعلة في كبدها، ماذا فعل فيكم أيمن نور إلي هذا الحد؟ إذا كان سياسياً صغيراً بلا شأن كما تزعمون أنتم وغيركم فلماذا تكرهونه وتخافون من خروجه ومن أنصاره ومن شقته؟! لقد اتهمتوه بالتزوير وحكمتم عليه بالسجن بتهمة حيازة أوراق مزورة، خذ بالك هذه تهمة نور طبقا لقضية كلنا نعرف أولها من آخرها.. حيازة وليس اصطناع مستند مزور ولا تزوير مستندات، ثم هذا المستند المزور الذي حازه كان غير مهم ولا مؤثر ولا يترتب عليه أي فعل سلبي أو إيجابي بل التهمة إنه حاول إيهام لجنة الأحزاب بشعبيته.. هل اتفقعت مرارتك؟ نعم هذه هي تهمة نور التي حوكم عليها بخمس سنوات سجناً ولا يريد مبارك أن يعفو عنه بعد نصف المدة، وهذه التهمة التي يحب جهاز أمن الدولة أن يطلق علي أساسها تعبير المزور الأكبر علي أيمن نور.. الله الله.. يعني من زور أصوات عشرات الملايين في الانتخابات المصرية ليس مزوراً أكبر والذي حاز مستنداً عن حزبه هو المزور الأكبر.. إنهم ينسون أن الله أكبر.
لن يكون حريق شقة يملكها أيمن نور وأولاده، يجتمع فيها أنصار الرجل وبقايا رجال حزبه المسلوب هو آخر حريق.. لكن الساحة السياسية التي خلت من الرجال والرجولة ستظل تتفرج لأن الحقد تجاه رجل في زنزانة ليس في قلب الحكومة فقط بل في قلب صغار المعارضين الذين أحرجتهم شعبية أيمن نور وصموده في السجن وعالمية قضيته وتعاطف الملايين معه وإكبار الدولة لحجمه وخوفها منه.. كل هذا جعل الصغار يتخلون عنه كما الكبار وجعل مصر تشهد سرد أحداث موت معلن بلا ذرة من انفعال ولا نقطة من كرامة وكبرياء ولا حرف من كلمة حق.
لن يخرج أيمن نور من السجن حياً في الغالب والله غالب علي أمره!

خلى بالك أنا عارف كل شيئ عنك يا حلو صح

Sign by اللول الحضراوي - Get Your Free Sign