الثلاثاء، 4 نوفمبر 2008

مستقبل الحكم في مصر د. يحيى القزاز

عندما يطرح السؤال عن طبيعة مستقبل الحكم في مصر، فالإجابة بلا تردد: نعم للحكم المدني، ولأن المسألة ليست اختيارا بين نعم ولا، فتكون تتمة السؤال كيف؟ وفي اللحظات الراهنة استدعاء العسكر واستنهاضهم للتغيير، هو تعبير عن حالة عجز مجتمعي، ويأس من الاحزاب السياسية المعارضة التي تطيل في عمر النظام الفاسد بالتواطؤ معه لتحقيق مصالح شخصية، وربما كان هذا سببا في استدعاء د. ضياء رشوان للنموذج التركي وتطبيقه على مصر، وهو في حالة تحليلية أكثر منها تقريرية.
انطلق في كتاباته من واقع لا يمكن تجاهله، ومعلومة لا يمكن إغفالها ذكرها إجمالا في أحاديثه الفضائية قبل كتابتها في صحيفة "المصري اليوم" في سلسة مقالات بدأها في 7/7/2008، وهي أن القوات المسلحة حسمت أمرها واختارت مرشحها لمنصب الرئاسة القادم، فصلها بعد ذلك في مقاله "سيناريوهات الشيء الغامض القادم في مصر" وحصر أسبابها في 1- الحفاظ علي شرعية الحكم التي قامت علي أساس ثورة 23 يوليو، 2- المواجهة والتصدي بلا تردد لأي محاولة تريد الانقلاب علي هذه الشرعية حتى وإن كانت من طرف بعينه من داخل الحزب الوطني بحجة
تأسيس حكم مدني أو ليبرالي، يخطف الدولة ويرميها في حجر الولايات المتحدة الأمريكية.

وسيناريوهات التغيير المقترحة كثيرة منها المد التصاعدي للحركات الاحتجاجية والاجتماعية (عماد عطية)، أو عبر مجلس انتقالي للحكم لمدة سنتين (عبدالحليم قنديل)، أو من خلال التغيير الداخلي من قبل النظام الحاكم بالتبديل والاحلال، أو بيد قوى خارجية عند تعارض مصالحها مع عملاء الداخل، أو من خلال القوات المسلحة، أو من خلال ثورة شعبية تضطر للمواجهة ولا تسلم من أذى إراقة الدماء، والمعضلة في الزمن الذي يستغرقه التغيير، وملاحظة أن الشعب يختنق ولم يعد يحتمل، والدولة تتآكل، وكلاهما بحاجة ملحة وسريعة إلى إنقاذ وآلية تغيير سلمي.
ومن البادي أن القوات المسلحة مؤهلة لتغيير جزئي وكلي لنظام الحكم، وبأمان لهشاشته وضعفه، ولما لها من قوة ونفوذ، قد تستبدل وجوها بوجوه أخرى في نفس النظام، تغير سياسات قائمة، لكنها لن تحقق ديمقراطية أصيلة. ومع الاعتراف بأن النضال السلمي من اجل الديمقراطية يحتاج وقتا طويلا، ولحظة النضال في عمر الشعوب تقدر بعشرات السنين. ولا يعطل التغيير (الإنقلاب) العسكري مشروع القوى الوطنية الساعية للتغيير الديمقراطي، ببساطة لأن العسكر لن يستأذنوا أحدا، فهم أصحاب القوى والمبادرة، ولسنا بحاجة إلى مقايضة تاريخية لأننا لا نملك ما نقايض به، وإن امتلكنا فليس من حقنا، لكنني أخشى أن يصاب "القلب الصلب" بالوهن ولا يستطيع ضخ الدم في الجسد الواهن.
التغيير السريع بأي شكل كان عسكريا أو مدنيا –المهم من الداخل- مطلوب حرصا على وطن ضاعت هيبته وفقد سيادته، وتساوت ارتفاعاته بانحدراته، وغدا بلا تضاريس. استدعاء النموذج التركي في الحكم مع بعض التعديلات، يغنينا عن الانقلابات العسكرية وتغيير واستبدال الوجوه بشكل مرحلي، ويختزل خطوات كثيرة في مسيرة التغيير الديمقراطي السلمي، وهو الأنسب -إن توافق عليه الشعب المصري وأقره دستور جديد- لدولة كمصر في رباط إلى يوم الدين.
صوت الأمة 3/11/2008

خلى بالك أنا عارف كل شيئ عنك يا حلو صح

Sign by اللول الحضراوي - Get Your Free Sign